في إيطاليا قديما،دعى الحاكم آنذاك رساما مشهورا و هو الأبرز في عصره ليقوم يعمل تحفتين فنيتين متناقضتين عند مدخل أكبر كنيسة في البلد،حيث تصور التحفة الأولى ملاكا و الأخرى تمثل شيطانا لتوضيح الاختلاف بين الفضيلة و الرذيلة
أخذ الرام يجوب المدينة بحثا عمن يستوحي منه الفكرة و مظهر التحفتين فإذا به يجب طفلا صغيرا تظهر على ملامحه البراءة و النقاء ،وجهه أبيض مستدير و عيناه سيل من السعادة و الهناء.بعد أشهر أنهى الرسام لوحته الأولى و بهر الناس بجمالها و إتقانها
و بدأ مشواره الثاني يبحث عن ملهم لشكل الشيطان،بحث لسنوات عدة و لم يجد مبتغاه ،في هذه الأثناء خاف الملك أن يخطفه الموت قبل أن يرى التحفتين مكتملتين،فقرر الحاكم أن يعطي جائزة عظيمة لصاحب أقبح و أكثر وجه مخيف في البلد
فلم يترك الرسام شخصا إلا رآه و زار كل المستشفيات العقلية و السجون و غيرها و لكن لم يجد من تمثل ملامحه تشبيها للشيطان
تسرب اليأس إلى قلب الرسام، و ذات يوم دخل إلى حانة ليرتشف كأسا من النبيذ،فإذا بعينه تلمح رجلا يجلس في الركن الضيق من الحانة،يضع في فمه زجاجة خمر نرث الملابس و عديم الروح،يتكلم بصوت عال بفم خال من الأسنان و لا يأبه لأحد
تقدم الرسام بخطواته نحو الرجل و استأذن منه ليرسمه و لكن الرجل لم يبالي ،ثم أخذ الرسام يرسم ملامح الرجل مضيفا إليها ملامح الشيطان
و كل يوم كان الرسام يعود إلى الحانة و يجلس بجانب الرجل الشيطان و يرسم ليتم رسمته في أقرب وقت
ذات يوم و عندما شارف الرسام على الانتهاء من تحفته،كان يرسم تارة و ينظر إلى الرجل تارة أخرى،فإذا به يجد الرجل يبكي بكاء صامتا،ظن الرسام أن الشيطان يريد سيجارة أو خمرا أو ربما هو مخمور و هاته هي أعراضه،فسأله عما يريده ليحضره له،لكن الشيطان أجاب:
"أتذكر منذ سنين عدة عندما استلهمت من وجه طفل صغير ملامح الملاك؟ أنا ذلك الملاك يا سيدي،و ها أنذا أصبحت الشيطان ،أصبحت نقيضا لذاتي"
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire